من أجل بث ثقافة كتاب الرب الكريم في المجتمع الواعي، استضاف منتدى القرآن الكريم في ملتقاه الاسبوعي، الباحث القرآني الدكتور سالم جاري، وكان تحت عنوان: «أفلا يتدبرون القرآن».
في بدء حديثة قال: «التدبر في اللغة مأخوذ من الدُبر أي خلف الشيء». «والتدبر معنى عميق جدا وواسع، والخلف أو الدبر عموماً يشار به إلى التراجع: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}، فكيف اشتق التدبر من هذه الكلمة السلبية»؟!
يجيب هو على سؤاله قائلاً: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون}.
وقال موضحاً: «حينما تقرأ الآية قراءة سطحية فإنك لا تستفيد منها، بينما العاقل حينما يقرأها فإن النفس الإمارة بالسوء تأمر بالمرور سريعاً، بينما عقله ونفسه اللوامة تقول له: ارجع الى الوراء...! أنت مررت على شيء ثمين لا ينبغي لك ان تتركه. فالرجوع هنا قد يكون لأهمية الموضوع».
وفي سياق متصل أشار إلى كيفية التدبر بكتاب الرب الكريم، «فالذي أوتي شيئاً من الفهم فيفهم بما يستطيع ويتأمل نعم الله وقدرته وعظم شأنه، أما الذي ليس لديه فهم فعليه أن يسأل أو يعود إلى كتب التفسير ليستعين بها على معاني المفردات».
وفي هذا السياق «ولبيان أهمية التدبر نذكر القصة الآتية :
لقد حاول رجل مجرم أن يتسلق جداراً لينهب المال ويغتصب النساء، فسمع صوتاً ينبعث من داخل البيت، ويتلو هذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}. فاستمع إلى الآية بضع ثوان ثم انفجر باكياً وقال: بلى؛ آن ذلك الوقت الذي يخشع قلبي القاسي لذكر الله، وما نزل من الحق، بلى آن، فهبط من الجدار وتولّى بوجهه شطر المسجد واعتكف فيه إلى الأبد .
إن تدبر هذا الرجل في آية واحدة حوله من مجرم متمرس بالجريمة إلى معتكف في محراب العبادة».
