Severity: Warning
Message: Creating default object from empty value
Filename: libraries/lib_posts.php
Line Number: 40
حكمٌ أصدره القضاء العراقي طالما انتظره ذوو الشهداء ممن سقطوا في انفجارات السيارات المفخخة والعبوات والاحزمة الناسفة وسط الاسواق والمناطق السكنية، والحكم ليس أكثر من إنزال حكم الإعدام بحق 21 مداناً بتنفيذ هذه الجرائم خلال الفترات الماضية. ولكن هذا الحكم لم يرُق لمنظمة دولية مثل الأمم المتحدة، وكذلك لجماعة سياسية وحيدة في البلد ، والسبب واضح للجميع؛ وهو وجود طارق الهاشمي بين الذين ينتظرون تنفيذ حكم الاعدام لادانته بارتكاب اعمال قتل.
وبعد تنفيذ حكم الاعدام بالمجرمين، كان وفدٌ من الأمم المتحدة في لقاء وزير العدل العراقي حسن الشمري، حيث طلب منه وقف تنفيذ حكم الاعدام في العراق، مطالباً باستبدال الحكم بالسجن المؤبد، وأشارت الامم المتحدة الى وجود ميثاق في الامم المتحدة يحظر على الدول الاعضاء اصدار حكم الاعدام بحق مواطنيها، مهما كانت الاسباب. لكن القانوني العراقي علي التميمي ذكّر المنظمة الدولية بميثاق الامم المتحدة الذي يتضمن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وأن (الأمر يعود للتشريع العراقي والقوانين الخاصة، والدول هي الأدرى بمصالحها وهي التي تشرع القوانين على وفق مبادئها) .
ومن الواضح أن الامم التحدة التي هرعت الى نجدة المدانين باعمال ارهابية، كانت تنظر بعين واحدة الى القضية، وهي العين السياسية، وعدّت حكم القضاء سياسياً، أو ربما يكون المجرمون ينتمون الى جماعات سياسية منافسة، في حين ان هؤلاء المجرمين هم المسؤولون عن تهديد السلم الاهلي في العراق، وهي التي يفترض ان تكون أول من يفكر بأمن واستقرار شعوب العالم. و ربما يخفى على المنظمة الدولية إن عدد (1200) ارهابي معدوم منذ عام 2004 حسب احصائيتها، حصدوا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى من الاطفال والنساء والابرياء الذي سقطوا في العمليات الارهابية خلال السنوات الماضية. وقال الحقوقي علي التميمي: ان القضاء العراقي ينظر بعينين: واحدة على المتهم والاخرى على ذوي الضحايا، من عوائل الشهداء والايتام والارامل.
وينتظر (200) ارهابي آخر مدانون باعمال قتل ونسف البت بحكم الاعدام بحقهم، فيما تحاول القائمة العراقية إثارة الموضوع لانقاذ هؤلاء من خلال تجميد الحكم، لحين التصويت على قرار العفو العام في البرلمان. على أمل ان يشمل بعض هؤلاء المجرمين.
وقد مهّد الاجراء القضائي الاخير بإعدام المدانين بأعمال ارهابية، الارضية لأصدار حكم الاعدام الغيابي بحق طارق الهاشمي وصهره ومدير مكتبه أحمد قحطان، وذلك بعد سلسلة من التجاذبات القضائية من جهة والسياسية. من جهة اخرى، رأت عديد من الاطراف في الساحة أن المفترض ان يصدر الحكم قبل هذا بكثير، وعدم المماطلة فيه، مادامت الأدلة متوفرة والدلائل دامغة منذ فترة طويلة. إذ ان البعض يربط بين الحكم القضائي بتنفيذ الاعدام بالمجرمين، و ايضاً إعلان حكم الاعدام بحق الهاشمي، وبين الموعد الذي تنتظره القائمة العراقية تحت قبة البرلمان، لمناقشة وتصويت قانون العفو العام.
أما عن ردود الفعل فهي لا تعدو أن تكون روتينية من القائمة العراقية التي يعد الهاشمي أحد اقطابها، وكذلك من مسعود البارزاني الحاضن (الكردي) ، ومن تركيا الحاضن الأقليمي لطارق الهاشمي، حتى ان البارزاني هدد العراق بأسره باندلاع صراع طائفي اذا تم تنفيذ حكم الاعدام بالهاشمي! فيما رفضت تركيا التي تحمي الهاشمي، تسليمه الى العراق.
لكن بين هذا وذاك، يجب أن نتذكر ويتذكر معنا جميع المسؤولين في بغداد، ان اهتزاز جذع الشجرة، يعني اهتزاز آخر غصن لها في أعلى منطقة من الشجرة. ومن دون أي تردد او كثير تحليل وتفكير، يربط المواطن العراقي حكم المحكمة بسلسلة الانفجارات التي استهدفت المدنيين في انحاء عديدة من العراق. وراح ضحيتها المئات من شهيد وجريح. وإلا فان محكمة الجنايات العليا تقوم بدورها بإصدار الحكم العادل مع توفر الأدلة الكاملة ضد المتهم. لكن تبقى الانعكاسات على الواقع الامني والسياسي من مهمة السلطة التنفيذية والمؤسسة الامنية التي يجب ان تحسب لهكذا قرار ألف حساب، حتى يعرف العراقيون من هو على هدىً ومن هو في ضلال مبين.