Severity: Warning
Message: Creating default object from empty value
Filename: libraries/lib_posts.php
Line Number: 40
بات من الضروري والملحّ، النظر الجاد لرسالة المآتم والحسينيات في الواقع الشيعي، والبحث عن كوامن الخلل ومواضع الفراغ والنقص، والسعي للمعالجة وسد الهوّات الحاصلة نتيجة الاعمال الإدارية البشرية.
فعندما نلوّح أو نصرّح بخلل حاصل هنا أو نقص وفراغ هناك في موضوع المآتم والحسينيات، فإننا نوجه الحديث نحو البشر، كونهم الجهات الإدارية المتصدّية لإدارة هذه المؤسسات الدينية المتميزة، ولا يعني ذلك بأي حال نقداً لأصل المؤسسة، وإنما نقداً للتجربة الإدارية والممارسة البشرية المتصلة بهذه المؤسسة.
ولذلك فإننا لابد أن نؤكد أولاً وقبل كل شيء بأن المآتم والحسينيات هي من أهم المؤسسات الدينية بعد المسجد في التكوين الشيعي «تكوين الفرد، الأمة، الهوية» فهي التي ساهمت وتساهم، وسوف تساهم مستقبلاً، في صياغة الهوية الشيعية، من الناحية الفكرية والعقدية، ومن الناحية الشعورية، إلا أن كل ذلك لا يعني أن نستسلم للواقع و نسلّم أنفسنا للارتجال الإداري اللحظي، إنما علينا دائماً أن نعمل من أجل تطوير مؤسساتنا ومشاريعنا، لتكون الأطر متسقة مع المحتويات، ولتكون الرسالة مواكبة للتحديات المعاصرة لكل زمان.
لكي لا تنحو العملية النقدية منحى سلبياً وتؤثّر خلافاً لما يراد لها من التطوير والمواكبة المعاصرة والإصلاح نحو الأفضل، فإن من المهم أن ننهج طريق النقد البنّاء، وهو الأسلوب الذي اتبعه القرآن الكريم، على الخصوص في نقد الشعائر الدينية التي جاء الإسلام لترسيخها والتي طلب من المؤمنين العناية بها والمحافظة عليها، وجعلها شعاراً للمؤمنين.
يمكننا أن نستجلي ملامح النقد القرآني من خلال تناول القرآن للصلاة، وهي الشعيرة التي تفرق بين المؤمن والكافر وهي العمود الذي يقوم عليه الدين، فبرغم أهمية الصلاة في التكوين الإيماني للإنسان، إلا أن القرآن وجّه النقد للمؤمنين في طريقة ممارساتهم لها.
ما نلاحظه في الآيات القرآنية، أنها عدّت إقامة الصلاة من صفات المتقين، في قول الله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}،(سورة البقرة/3) وأن قسماً من المجرمين إنما كانت عاقبتهم جهنم؛ لأنهم لم يكونوا من المصلين، كما في قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}،(سورة المدثر/42-43) فالصلاة صفة المتقين ومن دونها تكون عاقبة الإنسان جهنم، فالقرآن حدد أهمية الصلاة بهذين اللحاظين المهميّن، أثر إقامتها وأثر تركها.
إلا أن القرآن الكريم لم يعط المصلين الضوء الأخضر في سلوكياتهم وفي أدائهم وممارستهم لها، فقد تعرّض للمصلين بالنقد فقال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}،(سورة الماعون/4-5) فهؤلاء من المصلين، إلا أنهم لا يعطون صلاتهم أهمية كبيرة، وقال عز وجل: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً}،(سورة النساء/142) وهناك قسم من الناس، لا يستوي ظاهرهم مع باطنهم، فليس كل من يؤدي الصلاة بشكليتها سيُعد من المصلين، وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تقولون}.(سورة النساء/ 43)
وكل ذلك مع توجيه القرآن الكريم إلى أن يلتزم المصلي بالغايات والمحتوى لهذه الشعيرة، فلا يؤديها رياء وسمعة ونفاقاً ولا يكتفي بالشكليات والمظاهر، فيقول تعالى: {وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}.(سورة طه/13)
هذه الملامح العامة للنقد القرآني ولمعالجة الشعائر الدينية، وعلى هذا المنوال ينبغي أن يُعالج موضوع مؤسسة الحسينيات والمآتم، وسائر الممارسات الشعائرية.
لابد أن ننطلق من تأسيس قيمي لبعد الغايات من العبادات والممارسات، ولا ينبغي أن يغيب عند المعالجة والمراجعة أن لكل عبادة وفعل ديني رسالة ومضموناً، تتمثل في الغايات التي ينبغي أن يحققها، وسواء عرفت الغايات بتفاصيلها أو عرفت بعمومها، فإنها من الثوابت التي لا ينبغي أن تغيب عن الأذهان، وأن غيابها، هو غياب للهدف وضياع للاتجاه والمسار.
ويعتمد هذا التأسيس على العديد من النصوص الدينية، ولكننا نكتفي بقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.(سورة الانعام/162) فكل عبادة وفعل يخرج من المؤمن، ينبغي أن يكون في مرضاة الله تعالى، وهي الغاية الكبرى التي تتوسطها مجموعة غايات تربوية، كتزكية النفس وتقويمها.
ورسالة الحسينيات هي كما اتخذها المؤمنون، تتجلّى في عموم عنوان «إحياء أمر أهل البيت، عليهم السلام»، وهو كل عمل يرتبط بهذا العنوان من أي جهة من جهاته، سواء كان في مناسبات أفراحهم، عليهم السلام، أو في مناسبات أحزانهم، أو أي مناسبة وذكرى أخرى، تكون نافذة لتحقيق أمر الإحياء لأمر أهل البيت، عليهم السلام.
من منطلق حفظ الرسالة نحتاج إلى قراءة الواقع المحيط والأثر الحاصل، من خلال الملاحظة الميدانية، ومقارنته برسالة الحسينيات التي ينبغي التطلع نحوها دائماً لمحاولة الوصول إلى الغايات التي ينبغي أن تحققها في واقع الأمة.
إن إحياء امر أهل البيت، عليهم السلام، كعنوان، هو من أعظم، بل هو أعظم عنوان في العقيدة الإسلامية، بوصفه مرتبطاً بالولاية لهم، عليهم السلام، وعن أبي جعفر، عليه السلام، قال: «بُني الإسلام على خمس؛ على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يُناد بشيء كما نودي بالولاية». وبذلك نعي أن تحقيق رسالة الحسينيات والمآتم إنما تتم بظهور الأثر الذي تبتغيه ولاية أهل البيت، عليهم السلام، من صياغة الشخصية المؤمنة الرسالية، وصياغة واقع الأمة وفقاً لمتطلبات الدين وغاياته.
من حيث الكم، فإن واقع الحسينيات في العديد من البلدان حقق تقدماً ملموساً، حيث اهتم الموالون في تأسيس الحسينيات في أماكن تواجدهم وعلى الخصوص في الأماكن التي تكون فيها كثافة شيعية، كإيران والعراق والبحرين والمنطقة الشرقية من القطيف والإحساء، وكذا الكويت ولبنان وباكستان وبعض مناطق الهند وأذربيجان وغيرها.
وإذا أخذنا البحرين ذلك البلد الصغير جداً مثالاً، فإن بعض المصادر تقول: ان «إدارة الأوقاف الجعفرية قالت في إحصائية لها مطلع 2009 بأن هناك ما يقرب من 1100 مأتم مسجل رسمياً في البحرين. فيما يقول آخرون بأن عدد المآتم الكلّي بما فيها غير المسجّلة قد يصل الى خمسة آلاف مأتم للنساء والرجال. وحسب عبد الله سيف في كتابه «المآتم في البحرين» فإنه يوجد ما يزيد على ثلاثة آلاف و500 مأتم (حسينية) للرجال فقط، (كان ذلك عام 1994) هذا عدا مجالس ومآتم النساء». مع العلم أن المجالس البيتية التي يُحيى فيها أمر أهل البيت، عليهم السلام، هي أضعاف تلك الأعداد.
ذلك الزخم الكمي الهائل الذي حققه المؤمنون في تأسيس الحسينيات والمآتم الحاضنة للثقافة الولائية الرسالية، لا يمكن أن ندّعي أنها حققت ولو عُشراً من رسالتها تجاه صياغة شخصية الفرد وصياغة الأمة، ومواجهة التحديات المعاصرة، لأن هنالك وثوقية عميقة من قِبل أهل البيت، عليهم السلام، بما يمكن أن تؤديه رسالتهم وأحاديثهم من أثر في حياة الإنسان الموالي أو الآخر المختلف، فهذا الإمام الرضا، عليه السلام، يقول في سياق بيانه لحكمة إحياء أمر أهل البيت، عليهم السلام: «فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا».
وهذا يعني أن إحياء أمر أهل البيت، عليهم السلام، له الأثر البالغ على الأمة، بينما إذا قسنا عدد الحسينيات والمآتم بالأثر الحاصل منها في الواقع، لا نجد ذلك متناسباً، ولا يفي بالحاجة والغرض.
يمكننا التعرّف على واقع الحسينيات من جهة نقدية، من خلال المضي في بيان أبعاد إحياء أمر أهل البيت، عليهم السلام، وهي الرسالة التي ينبغي أن تتصدى لها الحسينيات والمآتم، فنكتشف مواطن الخلل، ونعرف خطوات الإصلاح والتطوير، والإصلاح والتطوير هما الغاية من الدراسة النقدية، للشعائر كما أسلفنا وفقاً لهدي القرآن الكريم.
هنالك ثلاثة أبعاد أساسية لرسالة الحسينيات والمآتم والتي تحقّق عنوان إحياء أمر أهل البيت، عليهم السلام، بصورته المتكاملة، وهذه الأبعاد الثلاثة ينبغي أن تتخذها الحسينيات بكليتها دون تجزيء، نعم قد يكون التجزيء من جهة الأفراد كاتجاه تخصّصي، كل يختص بجانب منها لكي يبدع فيه ويعطي فيه بجودة عالية، إلا أن الإدارة العامة للحسينيات ينبغي أن تلتفت إلى الأبعاد الثلاثة، وهي:
الإحياء الشعائري وهو المرتبط بالمواساة والشعور، والإعلام، وإظهار التعاطف والإندماج مع حياة أهل البيت، عليهم السلام، في كافة جوانبها، حزناً لحزنهم وفرحاً لفرحهم، وإظهاراً لمظلوميتهم، وإعلاناً لتوليهم، وتبرّياً من أعدائهم، وكأنهم يعيشون بيننا، وفي هذا السياق جاءت الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت، عليهم السلام، منها على سبيل المثال: ما قاله الإمام الصادق، عليه السلام، للرجل البصري: قال: رحم الله دمعتك، أما إنك من الذين يعدون من أهل الجزع لنا والذين يفرحون لفرحنا و يحزنون لحزننا و يخافون لخوفنا و يأمنون إذا أمنا».
للجانب الشعائري غايتان أساسيتان؛ واحدة منها تتصل بنفس الإنسان وإصلاح نفسه من خلال إحياء الشعائر حيث تنصهر نفسه مع مصائب أهل البيت، عليهم السلام، لتحقيق الترابط الوثيق بينه وبينهم، عليهم السلام، والتعاطف هذا، هو بالأصل نتيجة للترابط النفسي مع أهل البيت، عليهم السلام، ولكنه في ذات الوقت يدعم ذلك الترابط ويوثقه بل ويخلقه في قلب من لا يعرف أهل البيت، عليهم السلام. أما البعد الآخر للإحياء الشعائري فهو مرتبط بالناحية الإعلامية، حيث إن المطلوب هو إظهار ذلك الولاء كشعيرة ظاهرة و بينة للناس، وهذا بمثابة إعلان ولاء وترابط عقدي فكري مع أهل البيت، عليهم السلام
وإننا أمام هذه الأبعاد للإحياء الشعائري، نجد الواقع قد حقق جزءاً من الظهور الإعلامي سواء في المجتمعات ذات الكثافة الشيعية من خلال مراسم الإحياء العاشورائي، وخروج المسيرات وغير ذلك، أو في القنوات الفضائية الشيعية التي تنقل المجالس ومراسيم الإحياء والزيارات المليونية لمرقد الإمام الحسين، عليه السلام، وهو بعد بحاجة للمزيد كي يصل صوت أهل البيت، والإمام الحسين، عليهم السلام، إلى كل أرجاء المعمورة بصور متعددة المظاهر.
إلا أن الجانب النفسي والأثر الإيماني على مُحيي الشعائر بحاجة إلى عناية عامة، فنوع المشكلات التي تواجه موسم عاشوراء على سبيل المثال، مثل التوجهات النفسية لدى إدارات الحسينيات، أو وجود بعض الأذواق والآراء وتحكيمها بما من شأنه خلق بعض المشاحنات، وعدم الاحتكام الى الحكمة والوعي في إدارة الاختلاف الفكري والفقهي، كل هذا يكشف عن عصبيات مناقضة لمقاصد الدين ومرام الإحياء، وهو بحاجة إلى توجيه وتثقيف من قبل العلماء، وبحاجة إلى ضبط وحزم إداري يمنع المشاحنات وأسبابها.
الإحياء المعرفي هو المتصل بإبلاغ تعاليم أهل البيت، عليهم السلام، وبيان علومهم، من أجل التأثير في شخصية الفرد وفي مسار الأمة، بل ولكي يواجه بها التحديات المعرفية المعاصرة، وهذا البعد المهم، ذكره الإمام الرضا، عليه السلام، كما ورد عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا، عليه السلام، يقول: «رحم الله عبداً أحيا أمرنا. فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس؛ فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا».
إن معارف أهل البيت، عليهم السلام، لا تختص بجانب دون آخر، فإنهم المعبرون عن حقيقة الإسلام الذي جاء بمختلف النظريات التي تصوغ واقع الفرد والمجتمع وتصنع الحضارة، سواء في الجوانب التربوية أو الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية أو الاقتصادية أو القانونية أو غيرها من المعارف التي تحتاجها أي أمة لتكوّن حضارة متكاملة.
وإذا نظرنا للواقع المعرفي للحسينيات والمآتم نراه متأخراً جداً عن الطموحات التي يرسمها أهل البيت، عليهم السلام، لمعارفهم التي يتحدّون بها كل صاحب نظرية، فبات الاستباق في اختيار الخطيب الذي يرتقي منبر الحسينية والمأتم، بالأقدر على الإبكاء وجودة الصوت، وبرغم أن ذلك مطلوب في جهة الإحياء الشعائري، إلا أنه لا ينبغي أن يكون على حساب جانب الإحياء المعرفي.
ولعله من المناسب في هذا المقام التأكيد على أن الخطيب ينبغي أن يكون عارفاً وباحثاً في علوم أهل البيت، عليهم السلام، لكي يوصل الرسالة ويحقق الغاية، كما أن الإدارات عليها مسؤولية انتخاب الأكفأ والأقدر لتحقيق هذا الجانب، على الخصوص مع وجود التنظيم الإداري بتصنيف المناسبة وتوزيع أدوارها، فكان الرادود المختص بالنعي جزءاً مهماً، ولذلك فإن انتخاب الخطيب العارف هي المهمة المكملة لذلك.
وحسناً تفعل بعض الإدارات من تخصيص خطيب متخصص في النعي والإبكاء، وخطيب بعده متخصص في البحث ومعارف أهل البيت، عليهم السلام، أو بأن يكون الخطيب جامعاً للأمرين، أو ناقلاً جيداً للمعارف.
لقد أكد علم المنطق أن «للمجتمع» العام سلطته على فكر الإنسان، وأن (للتجمع) سلطة فكرية أيضاً، وأن (للجماعة) سلطة مشابهة أو أقوى من غيرها، ومن أجل توجيه هذه السلطة في قوة المجتمع الإسلامي والجماعة الرسالية التي تنتهج نهج أهل البيت، عليهم السلام، دعا أهل البيت، عليهم السلام، شيعتهم لعقد التجمعات والاهتمام بالروح الجمعية من أجل خلق جو الإخاء والتوحّد والتكتّل والتعاون، عدّوا ذلك من إحياء أ مر أهل البيت، عليهم السلام، كما في قولهم: «فإن لقيا بعضهم بعضاً حياة لأمرنا»، لما تمثل تلك القوة الاجتماعية من قوّة لأمر أهل البيت، عليهم السلام، كونهم حملة ذلك النهج.
قال الامام الباقر، عليه السلام، لرجل: أتخلون، وتتحدثون، وتقولون ما شئتم؟ قيل: إي والله، قال: أما والله لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن.
وعن خيثمة قال: دخلت على أبي جعفر الباقر، عليه السلام، أودعه فقال: يا خيثمة أبلغ من ترى من موالينا السلام، و أوصهم بتقوى الله العظيم، وأن يعود غنيهم على فقيرهم، وقويهم على ضعيفهم، وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم؛ فإن لقيا بعضهم بعضاً حياة لأمرنا، رحم الله عبداً أحيا أمرنا.
ولو تأملنا هذا الجانب الذي يحققه المأتم والحسينية باجتماع المؤمنين فيه وتعاونهم، وكذا في سائر التجمعات المصاحبة لكافة الفعاليات الإحيائية، سنرى أن روح التفرّق والتمزّق والنزاعات، تبتعد عن المجتمعات وتسود حالة الإحياء، فينبغي أن تذوب الفوارق ويسود احترام كل طرف للآخر في ما يرتئيه، وعلى الخصوص اختلاف الآراء المبنية على رؤية شرعية، فلا يحق لأحد أن يعترض أو يجابه الآخرين ويحدّ من حريتهم الشعائرية، كما أن ردود الأفعال لا ينبغي أن تكون قاسية بحيث تتسع الهوّة ويتفرق الجمع، وتذهب ريح المجتمع وروحه.