A PHP Error was encountered

Severity: Warning

Message: Creating default object from empty value

Filename: libraries/lib_posts.php

Line Number: 40

مجلة الهدى - أكثر من دولة في المنطقة يهمّها إفشال التجربة الديمقراطية في العراق

أكثر من دولة في المنطقة يهمّها إفشال التجربة الديمقراطية في العراق
كتبه: بشير عباس
حرر في: 2016/05/01
القراءات: 1412

{وكذلك فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}، (سورة الأنعام: 53).

من سنن الله - تعالى - في خلقه، أنه يُصلح بعض ما خلق بالبعض الآخر؛ يصلح الماء بالهواء، و الارض بالسحب، والاحياء ببعضهم البعض، ويضبط تصرفاتهم، لكي لا تتجاوز الحد المعقول، وهذه السنّة جارية في البشر ايضاً؛ فبعضهم لبعض فتنة، أي يمتحن ويضبط ويصلح بعضهم ببعض.

واذا اردنا أن نصوغ إنسانا، فلابد من الاستعانة بانسان آخر، فالإنسان يصلحه الآخر ويكمله، وهذه المعادلة تنسحب على العلاقة بين الحاكم والشعب؛ فالحاكم يصلحه الشعب، والشعب يصلحه الحاكم، ولذلك تجد بعض المجتمعات متوازنة بفضل وجود نوع من الضوابط فيما بينهم.

وفيما يتصل بالمؤمنين - مثلاً - فإنهم يصلح بعضهم بعضاً، فـ «المؤمن مرآة أخيه المؤمن»، كما ورد في الحديث الشريف، ومن خلال هذه المرآة يكتشف عيوبه ويصلح حاله، فالمؤمنون يكتشفون نواقصهم وعجزهم ببعضهم الآخر، وقد جاء في الآية الكريمة: {الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ}. هذه الحالة تسمى في الشريعة بـ»التواصي»، ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ.

 

 قاعدة الدفاع عن النفس

وكما الافراد، كذلك تجد الامم يصلح ويضبط بعضها بعضا؛ تجد أن في العالم دولاً كثيرة وامماً وشعوباً، ولكن لماذا لا يعتدي هذا الشعب على الثاني وهذا على الثالث؟ هؤلاء يضبطون بعضهم بعضا، ومن ذلك أن هذا وذاك لديه استعداد وجيش وقوة واسلحة يدافع بها عن نفسه، ولولا هذا الدفاع عن النفس لكانت الحياة فوضى وعالم الغاب، لكن الحياة تضبط بهذا التدافع والدفاع عن النفس الذي يمنع ويدرأ وقوع الاعتداء. فالدفاع عن النفس مما يضبط ويصلح حركة وحياة الامم ويحفظ توازنها، وحتى لو كانت بعض الامم ضعيفة بما قد يغري أمة اخرى قوية بالسيطرة عليها، ولكن حتى هذه الامة الضعيفة يمكنها في البداية امتصاص الصدمة، ومن ثم تبدأ تدريجياً بالدفاع بشتى السبل والامكانات، مثل خوض حرب العصابات، كما فعل الفيتناميين خلال مواجهتهم الاحتلال الفرنسي، وفيما بعد التدخل الاميركي في بلادهم. وفعل الشيء نفسه؛ العراقيون وأهل الخليج عندما حاربوا الاستعمار البرتغالي والبريطاني، وكما فعل الفلسطينيون في حربهم ضد الصهاينة ودفاعهم عن أنفسهم.

وقد أقر العالم والمجتمع الدولي حق الدفاع عن النفس للشعوب كافة بطريقة أو اخرى، وربنا سبحانه و- تعالى- يبين هذه السنّة ويقول: ﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، والفتنة هنا؛ لا تعني مجرد الاختبار والامتحان، فهذا هو الظاهر، إنما المعنى الاعمق لها هو الاصلاح، فأصل معنى فتنة، ناشئ من فتنة الذهب، أي استخلاصه و تنقيته من الشوائب بالنار ليكون ذهباً خالصا، وكذلك نحن البشر فينا من الشوائب، وبعض النزعات الخاطئة، فتأتي «الفتنة» لتكون وسيلة إصلاح بعضنا ببعض.

 

 السعودية، خدمات لإسرائيل ودمار للأمة

وهكذا في ما يرتبط بوضع الامة الإسلامية، ولاسيما بما تمر به في هذا الوقت من احداث ومنعطفات. وانه لمن المفرح أن تكون هذه الامة الكبيرة والمترامية الاطراف؛ متوحدة ومتعاونة وتعقد المؤتمرات، مثل مؤتمر قمة منظمة التعاون الاسلامي، الذي عقد مؤخراً في تركيا، ولكن الواقع - للاسف - يبين ان المجتمعون تفرقهم انشغالهم بالتوافه، وعدم وجود رؤية واضحة، وقيادة موحدة، تراهم في هذا التمزق، لا يزالون متخلفين، مستضعفين، تتحكم فيهم عصابات الصهيونية، تارةً، وعصابات داعش تارة أخرى. فقد عقد هذا المؤتمر والكثير من المسلمين يأملون بالتوحد والتعاون، ولو على مستوى التفكير والتشاور، بيد أننا نلاحظ محاولة البعض الاستفادة منه لمصالح وغايات خاصة، وهو ما يكشفه بكل وضوح الدور والتوجه السعودي. ففي هذا المؤتمر الاسلامي، وغيره من المؤتمرات التي تقام باسم الاسلام والعروبة، يقوم النظام السعودي أيضا، ويحاول تجييره ليس ضد الارهاب، وإنما لغاياته الخبيثة ضد ايران، وكل من يدعم المقاومة ويواجه الصهيونية، لأن همّ ومصالح النظام السعودي الدفاع عن الكيان الصهيوني الذي تعهّد «أبوهم» عبد العزيز آل سعود، لليهود والصهاينة بالدفاع عنهم. وعبر تاريخه ولغاية الآن، كان ولايزال النظام السعودي، وعبر أروقة المؤتمر الاسلامي وغيره، يحاول البحث عن عدو موهوم للأمة وإبعاد العدو الحقيقي وهو الكيان الصهيوني، وتاريخ آل سعود يشهد بذلك.

وعلى سبيل المثال؛ عندما جمع جمال عبد الناصر العرب ضد الكيان الصهيوني تحت راية القومية العربية، انبرت له السعودية وعملت ضده في مصر واليمن ولبنان والسودان ودول اخرى، لكن السعودية نفسها، تحالفت مع السادات عندما وقع معاهدة كامب ديفيد. وهكذا خلال العقود الاخيرة أيضاً ولغاية اليوم، وحينما تقف وتدافع الجمهورية الاسلامية في ايران عن حق المسلمين والعرب في فلسطين، تجد ان السعودية حزمت أمرها وهيأت نفسها للدفاع عن الصهيونية العالمية.

وهكذا تجد النظام السعودي يكذب بشكل مفضوح وعلني، ويشن حربه العدوانية على اليمن، ويرسل ويدعم الارهاب في سوريا بحجة تدخل ايران وحزب الله في الشؤون العربية، في حين انها، ودونما خجل، من تدخلت قبل، و بشكل علني وسافر في شؤون سوريا واليمن وغيرهما، وتشن الحروب وتثير الفتن وتدعم الإرهاب، ثم تتهم وترمي اللآخرين بدائها.

 

 السيسي يكرر خطأ صدام مع السعوديين

أما بخصوص الاتفاقية الجديدة بين النظام الحاكم في مصر والنظام السعودي، فهي - في الحقيقة- ليست تسليم جزيرتي؛ تيران وصنافير للسعودية، إنما هي - بكل وضوح - اتفاقية لمصلحة الكيان الصهيوني، وإعطائه فرصة اكبر للهيمنة على المضايق البحرية الاستراتيجية في البحر الأحمر، من خليج العقبة، وصولاً الى باب المندب، لضمان أمن الكيان الغاصب، فهذه الجزر والمضايق البحرية، في صلب اتفاقية كامب ديفيد الصهيونية مع السادات، وما أعلن عن تسليم مصر الجزيرتين للنظام السعودي، ما كان ليتم إلا بقبول ودخول النظام السعودي في تلك الاتفاقية وبشروط الصهاينة والاتفاق والتعاون معهم.

والشعب المصري اليوم يعبر عن رفضه القاطع لما جرى، وبات الشعار السائد في مصر؛ أن من يبيع ويتخلّى عن أرضه، كمن يبيع عرضه! ونحن ننصح المصريين ونذكرهم بأن المال السعودي دفع صدام من قبل لإشعال الحرب مع ايران، فانظروا اين اصبح صدام وما نتيجة حربه؟ وعلى الشعب المصري أن يدرك جيدا أن اموال النفط السعودية التي تدفع لمصر على شكل استثمارات، انما هي محاولة لجر مصر و الشعب المصري ليكون مرتزقاً ومرتهناً للنظام السعودي، ونحن لدينا اعتقاد راسخ بأن الشعب والجيش في مصر، ليسوا بهذا المستوى من الذلة والهوان حتى يخضعوا لمجموعة من البدو الاجلاف من آل سعود، لا يملكون سوى أموال النفط التي اكتسبوها ظلماً.

 

  مخاوف على التجربة الديمقراطية

وبخصوص ما جرى ويجري في بلدنا، اعتقد ان اصابع السعودية ليس بعيدة عن العراق.

وهنا يجب ان نتوقف و نقول: لماذا النواب في البرلمان لا يعرفون كيف يتصرفون؟ ﴿أليس فيكم رجل رشيد؟ وأين ذهبت كل تلك اللجان، وتلك السنين من التجربة الديمقراطية والبرلمانية؟

نقول بصراحة: هناك اكثر من دولة في المنطقة، يهمها ويفرحها أن ترى وقوع الفشل والمشاكل في البرلمان العراقي.

لانها تفتقد للديمقراطية، ولا تملك برلماناً حقيقياً، ولذا يريدون ان يفشلوا تجربة العراق، ليزعموا أن العرب لا تفيدهم الديمقراطية.

لذلك هم يبعثون بحفنة من دولارات النفط لبعض العملاء والاتباع لضرب وتخريب الوضع في بلدنا.

لقد قلنا من قبل ونكرر اليوم: نحن في العراق بحاجة الى الحكمة، فمن لم يكن عقله اكمل ما فيه كان هلاكه أيسر ما فيه، فعقل الانسان وحكمته يجب أن يضبط تصرفاته ومواقفه. فللمسؤولين والساسة والنواب نقول: لابأس ان يكون بينكم الاختلاف، فهو من دواعي التنوَّع، ولعلها وسيلة للتنافس البنَّاء في السياسة و المجتمع؛ ولكن من غير المناسب وغير اللائق بكم أن يتحول هذا الاختلاف الى حرق او هدم للجسور فيما بينكم و إيصال الوضع الى حافة الهاوية.

من هنا نقول لكم وللتاريخ لبراءة الذمة امام الله تعالى: أيها الاخوة في البرلمان: اذهبوا الى النجف الاشرف والتقوا المرجعية الدينية، واحتكموا اليها فيما تختلفون فيه وعليه، واسمعوا النصيحة واتفقوا فيما بينكم، ولا تضيعوا انفسكم وانتم على ابواب تحرير بلدكم. ثم لا تنسوا «حزامكم»، وتأمينه من أي خطر محتمل، فكونوا على يقظة دائمة من خلال شبابكم النشامى، من أبطال الجيش والشرطة الاتحادية والحشد المجاهد، واهتموا وتحزموا بحزام القوة والاستعداد لتحموا حزام العاصمة بغداد.

وقبل الختام: ندعوكم الى التزام الحكمة في مواقفكم وتصرفاتكم، وتغليب روح ولغة التفاهم والتعاون، والايثار، حتى على بعض المطالب الحقّة، لان مبدأ التنازل والتفاهم والتعاون، هو الذي يضمن التقدم للعراق.


ارسل لصديق