Severity: Warning
Message: Creating default object from empty value
Filename: libraries/lib_posts.php
Line Number: 40
قال سماحة المرجع الديني آية الله السيد محمد تقي المُدرّسي -دام ظله- أن «البعض قد يعتقد أننا نعزو مشاكل العراق الى الاسلام السياسي، وهذا عير صحيح، فليس لدينا هذا، ومن يحكم في العراق ليس ما يسمونه بالاسلام السياسي، وذلك لأسباب عدة ومهمة؛ السبب الاول: ان النظام في العراق؛ دستوري قائم على الديمقراطية والشورى، وما تفرزه نتائج الانتخابات من نواب وكتل ومن تشكيل طاقم للحكم يضم مختلف الاطياف والقوى والتوجهات، من شيوعيين وقوميين وحتى بعضاً ممن كانوا بعثيين سابقاً وهناك علمانيين فضلاً عن وجود مجموعة اسلاميين من نوع معين و لون آخر». وفي حديث لسماحته على هامش درس التفسير في مكتبه بكربلاء المقدسة، تابع سماحته بالقول باننا: «حين نتكلم عن الاسلام السياسي، وننقد اخطاء وممارسات من اتخذوه شعاراً لهم في بعض بلدان الأمة، لا يعني هذا أننا نقول بوجود اسلام سياسي حاكم اليوم في العراق، إنما نحذر اخواننا في العراق من الوقوع في تلك الممارسات الخاطئة لأولئك، كالإخوان المسلمين في مصر او كما جرى في السودان وغيرها من البلدان».
وعن السبب الثاني لعدم وجود الاسلام السياسي في العراق، أضاف سماحته: بانه «لعدم وجود ما يسمونه بحكم الاسلام السياسي في العراق، فنحن كشيعة اهل البيت، عليهم السلام، لدينا الولاية والمراجع الفقهاء، وليس لدينا حزب يحكم باسم «زيد» او «عمر»، وهذه الولاية المرجعية هي في المحصلة، حكم الناس لأنفسهم من خلال رجوعهم وانتخابهم وقناعتهم بعالم ما بأنه هو المرجع، وليس على اساس حزبي او جهوي او طبقي وما شابه، فالمرجع لا يملك ولا يمثل حزباً، فما لدينا من ولاية المراجع والفقهاء، خلاف ما لدى الحزبية تماما، فالحزبية فيها عضوية، وتراتبية، وتحزّب، وتعصب، وما أشبه، بينما المرجعية بعيدة عن هذا وهي -كما الاسلام- مظلة وراية واسعة ينضوي تحت ظلها الجميع».
وأوضح سماحته أن «الخطأ والمحذور في الاسلام السياسي أن يقول هذا او ذاك: أنا الوحيد فقط من يفهم وعلى صواب وأيمان وعلى حق ولا أحد غيري! هذا المنطق والمنهج المتبع لدى بعض الحركات والتجارب، هي التي انتجت الوهابية، وطالبان، وداعش، وغيرها من الجماعات التي تريد احتكار الاسلام وتكفير من يخالفها وإجبار الناس على طريقة وفهم سيئ ومشوه للدين شعاره الكراهية والتعنّت».
ثم أردف سماحته بالقول: «ما نحتاجه في العراق؛ احترام الجميع؛ السياسين بكل اطيافهم، واحترام كل الحركات والتيارات بما فيها التيارات التي لا تتخذ الدين شعاراً، لا أن نكفرهم، ونحترم ونقدر الحوزات العلمية وطلبتها واساتذتها وجميع المراجع والخطباء والوكلاء والمعتمدين، ونحترم العشائر العراقية، وما تمثله وتختزنه من طاقات وتأريخ وتجربة غنية، ونحترم الجامعات والأكاديميين، وجميع الكفاءات والتخصصات، فقد تأسست في العراق أعرق الجامعات منذ مدّة طويلة، وخرجت كفاءات وطاقات كثيرة جداً جديرة وبالاحترام.
وفي جانب آخر من كلمته أشار سماحته الى أن «على الاخوة الاسلاميين أن يعيدوا النظر في بعض تصرفاتهم ومواقفهم، وقد قلت منذ بداية العودة للعراق، أن وضع البلد اختلف وأوضاعكم اختلفت، فاجلسوا وفكروا وناقشوا وغيروا من مناهجكم وبرامجكم، فليس من المحتم أن يكون ويجري من بعد، كل ما قلتموه من قبل، فالمطلوب من السياسيين أن لا تتحكم فيهم الانانيات والتحزبات، واللجوء الى النقد الذاتي والمحاسبة ومواجهة الاهواء والاعتراف بالاخطاء». واضاف سماحته في هذا السياق: «البعض قد يقوم بالمحاسبة للنفس والنقد الذاتي بصورة معكوسة، فتراه يزكي وينزّه نفسه ولا ينقدها ويحاسبها إنما فقط يلقي باللوم والمسؤولية على الآخرين، في حين ان الذين يفتقدون لفضيلة الاعتراف بالخطأ ومحاسبة النفس لا يفلحون».