Severity: Warning
Message: Creating default object from empty value
Filename: libraries/lib_posts.php
Line Number: 40
في أية حرب أو معركة، وبصرف النظر عن من له الحق ومن عليه الحق؛ هناك طرف منتصر وطرف خاسر.
هذه القاعدة الكلية العامة كانت حاضرة في كربلاء عام 61 للهجرة؛ فقد كان هناك طرف منتصر وطرف خاسر.
في ظاهر الأمر وبالمقاييس العسكرية المحضة؛ ربما كان معسكر الإمام الحسين، عليه السلام، هو الخاسر، ومعسكر «يزيد» هو المنتصر.
وأما إذا ذهبنا إلى حقيقة الأمر، ومن دون الدخول في التفاصيل والتحليلات؛ نجد أن الذي انتصر في كربلاء كان «قوة المنطق»؛ وليس «منطق القوة».
فابتداء من «يزيد» في الشام، ومرورا بواليه على الكوفة «عبيد الله بن زياد»، وانتهاء بالجيش الأموي الذي جاء الى كربلاء والذي كان قوامه 30 ألف مقاتل على أقل التقادير؛ كانوا - جميعا - متمسكين بـ «منطق القوة» المتمثل بالغدر، والقتل، والحرق، والنهب، والسبي بأبشع أنواعها.
إذن؛ فالذي انتصر، في الظاهر، كان «منطق القوة». ومن السهل أن ينتصر مثل هذا المنطق ليس في ذلك الزمان فحسب؛ بل وحتى في زماننا هذا.
فمن السهل أن تجيش دولة ما جيوشها، وأساطيلها، وأسلحتها ضد دولة أخرى، وتنتصر؛ إلا أن انتصارها هو انتصار «منطق القوة»؛ وليس انتصار «قوة المنطق».
أما ما لجأ إليه الإمام الحسين، عليه السلام، فقد كان هو الأصعب.
فقد تحرك من مدينة جده الرسول الأعظم، صلى الله عليه وآله، ومرورا بمكة المكرمة، وانتهاء بكربلاء المقدسة؛ حاملا معه «قوة المنطق»، وظهر ذلك جليا في «البيان الأول» لحركته، وكذلك في جميع خطبه، وحتى سقط - بأبي هو وأمي - على رمضاء كربلاء؛ مضرجا بدمائه الزكية الطاهرة.
فهو القائل:
«إني لم أخرج أشرا، ولا بطرا، ولا ظالما، ولا مفسدا؛ وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي...».
وهو القائل:
«... وخير لي مصرع أنا لاقيه؛ كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء....».
وهو القائل:
"شاء الله أن يراني قتيلا، وشاء الله أن يراهن (أي: أهل بيته، ونساءه) سبايا".
وعندما سقط على رمضاء كربلاء، هو الذي قال:
«بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله....».
بهذه القوة، تقدم الإمام الحسين، عليه السلام إلى الشهادة؛ وهي « قوة المنطق».
ومثل هذه الشبهة طرحها أكثر من شخص على الإمام زين العابدين، عليه السلام، عندما سألوه في المدينة المنورة بعد واقعة كربلاء:
من المنتصر؛ أنتم أم يزيد؟ فكان يقول لهم: «نصبر حتى يحين وقت الأذان»؛ في إشارة واضحة إلى أن بقاء الإسلام - والأذان شعاره - كان بفضل شهادة والده، عليه السلام؛ ومن ثم فهو المنتصر ولكن بـ «قوة المنطق»؛ وأما أولئك فكان سؤالهم عن المنتصر بـ «منطق القوة».
وكما انتصرت «قوة المنطق» على «منطق القوة» في كربلاء عام 61 للهجرة؛ كذا الحال في كل زمان ومكان.
إن أهل الحق منتصرون بـ "قوة المنطق"؛ ولا انتصار لأهل الباطل بـ "منطق قوتهم".