A PHP Error was encountered

Severity: Warning

Message: Creating default object from empty value

Filename: libraries/lib_posts.php

Line Number: 40

مجلة الهدى - نظرة قانونية في ملكية أثاث بيت الزوجية

نظرة قانونية في ملكية أثاث بيت الزوجية
كتبه: المحامي : حيدر عبد الرضا الظالمي
حرر في: 2013/04/08
القراءات: 9439

ان موضوع النزاع في ملكية أثاث بيت الزوجية من المواضيع التي أخذت حيزاً كبيراً في أروقة القضاء، حيث توجد هناك العديد من الدعاوى تقام يومياً في المحاكم وحتى مع قيام الرابطة الزوجية، حول هذه المسألة، وكان من الواجب ان نسلط الضوء على ماهية هذا النوع من الملكية وماهية هذا الاثاث وما هو مصدر تملكها عندما تصبح دعوى معروفة امام القضاء والى من تعود الى الزوجة  أم الزوج .

لو راجعنا قانون الاحوال الشخصية العراقي النافذ لانجد نصاً واضحاً يتناول هذا الموضوع، لكن بالرجوع الى نص (المادة الاولى – ف 2) من قانون الاحوال الشخصية، و(المادة الاولى – ف 2)، من القانون المدني العراقي النافذ، واللتين توجبان على القضاة الرجوع الى احكام الفقه الاسلامي بمذاهبه المختلفة دون التقيد بمذهب معين، استناداً الى النصين الآنفي الذكر، فيأخذ القاضي آراء الفقهاء في المذهب الذي يلائم نصوص القوانين وعرف البلاد.

 والى وقت ليس بالبعيد، كانت دعاوى الاثاث تقام امام محاكم البداءة، ولكن حصل تحول قانوني وتكييف جديد لمحكمة التمييز، واصبحت الدعوى تقام امام محاكم الاحوال الشخصية.

 

الملكيّة في القانون المدني

عرفت المادة (1048) من القانون المدني حق الملكية او الملك بـ «الملك التام الذي من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفاً مطلقاً، و يملكه عيناً ومنفعة واستغلالاً، فينتفع بالعين المملوكة وبقلتها وثمارها ونتاجها، ويتصرف في عينتها جميع التصرفات الجائزة».

ومن خلال استقراء قرارات القضاء العراقي، نجد انه يفترض ملكية الزوجة لجميع أثاث الزوجية، ونجد ذلك في قرارات محكمة التمييز. ثم نجد أن للعقد والحيازة، كاسباب لكسب الملكية، اهمية واضحة لهذا الاتجاه، حيث يُعد العقد من أهم اسباب كسب الملكية في حالة نشوب نزاع بين الزوجين حول ملكية ثاث الزوجية، فيجب هنا على أحد الزوجين ان يثبت سبب تملكه للأثاث بأنه هل كان بناءً على عقد، كالهبة والبيع وغيرها من العقود، كما ان عقد الزواج بحد ذاته، اضافة للعقود الاخرى، يعد ناقلاً للملكية، فيترتب عليه تملك الزوجة للمهر، وربما يكون المهر نقداً او أشياء عينية، كالأثاث المنزلي، كما ان الأثاث والمستلزمات البيتية، التي يضعها الزوج تحت تصرف الزوجة، تُعد هبة لها، حيث أن الهبة من العقود الناقلة للملكية. أما الحيازة، فقد عرفتها المادة (1145 - فقرة1) من القانون المدني هي «وضع مادي به يسيطر الشخص بنفسه او بالواسطة، سيطرة فعلية على شيء يجوز التعامل فيه او يستعمل بالفعل حقاً من الحقوق).

فلكي تعد الحيازة سبباً من اسباب كسب الملكية، يجب ان يتوافر فيها مجموعة من الشروط او العناصر.

1- العنصر المادي: وهو ان يمارس الحائز على الشيء اعمالاً مادية تطابق ما يدّعي من أحقيته العينية على الشيء من حيث الاستعمال واستثمار غلته وتغيير مكانه وغيرها من الاعمال المادية التي يمارسها الشخص على ملكه

2- العنصر المعنوي/ وهو نية الحائز التي يجب ان تنصرف في الظهور بمظهر صاحب الحق على الشيء.

كذلك يجب ان لا تشتمل على عيوب تخدش سلامة الحيازة كالاكراه والخفاء واللبس او الغموض.

فإذا انتفت هذه العيوب وتحققت تلك الاركان او العناصر اصبحت الحيازة سبباً من اسباب كسب الملكية. هناك ثلاثة مصطلحات ذكرت في الفقه الاسلامي وكذلك في القانون بخصوص الاثاث وهي تختلف فيما بينها وهي كلمة (جهاز) و (اثاث) و (متاع). فالمتاع أعم من الاثاث والاثاث اعم من الجهاز فالمقصود بالمتاع بمعناه العام هو كل ما يتمتع وينتفع به فيشمل جميع نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى ومنها التمتع بالحيوانات والاموال والادوات وغيرها.

اما الاثاث او متاع البيت فهو اسم لجميع ادوات وأواني الدار كالفراش والبسط والارائك والاجهزة الكهربائية المختلفة وغيرها من ادوات المنزل.

 

خلط بين «الأثاث» و «الجهاز»

أما الجهاز فيقصد به ما يتجهز به الشخص لمناسبة معينة كجهاز الميت وجهاز المسافر وجهاز العروس اي ما تحتاج اليه العروس في عرسها من ملابس وحلي ومصوغات وادوات زينة وغيرها، فجهاز بيت الزوجية هو الاثاث والأدوات التي تعد لمناسبة الزواج لاستقبال الحياة الزوجية وبالرجوع الى نصوص قانون الاحوال الشخصية العراقي والقانون المدني نجد ان المشرع لم يورد تعريفا للجهاز او الاثاث بخلاف بعض القوانين العربية كالقانون اللبناني حيث جاء في المادة (52) منه (الجهاز هو ما تأتي به المرأة الى بيت الزوج من اثواب ومصاغ وأمتعة من مالها الخاص او من مال ابويها او ذويها).

الا ان محكمة التمييز في العراق وضحت في كثير من قراراتها مفهوم الجهاز واثاث الزوجية الا انها في بعض القرارات خلطت بين مفهوم الجهاز وبين مفهوم الاثاث, كذلك بينت مصادر مختلفة للجهاز والاثاث الزوجية. لقد اتفق رأي الإمامية مع فقهاء الحنفية على ان المهر هو ملك للزوجة وخاص بها وهو حق لها فلها ان تشتري به ما تشاء وان تهِب منه ما تشاء ولها ان تحتفظ به لنفسها ولا يحق لاحد ان يعارضها على ذلك ويقع على عاتق الزوج ما تحتاج اليه الزوجة من كسوة وفراش وادوات ضرورية تهم البيت ولا تكون الزوجة ملزمة بأي شيء من ذلك بل تكون على الزوج وحده. ويرجعون في ذلك الى النفقة بجميع انواعها وبأنها تقع على الزوج, وقد عالج الفقه الاسلامي مسألة اختلاف الزوجين في شيء من ادوات البيت فقالوا ينظر الى هل انه يصلح للرجال فقط ام للنساء فقط او لهما معاً. فإذا كان يصلح للرجال فقط كثيابه وكتبه وادوات عمله التي يستعملها كأن يكون طبيباً او مهندساً هنا يؤخذ بقول الزوج مع يمينه اما اذا قامت بينة على انه للزوجة فهنا يكون لها. وهذا رأي الإمامية والحنفية. اما اذا كان يصلح للنساء فقط كثيابها وحليها وادوات زينتها وكذلك ما تستعمله خاصة بها كماكنة الخياطة مثلاً فهنا يؤخذ بقول الزوجة مع يمينها الا ان تقوم البينة على انه للزوج, وهذا ايضاً رأي الإمامية والحنفية اما الحالة الاخرى وهي الاشياء المشتركة الاستعمال تصلح لهما معا كالسجاجيد والاسرّة والاواني والاجهزة الاخرى فهنا يعطى لصاحب البينة فان لم يكن لاحدهما بينة يحلف كل منهما على المتاع الخاص به وبعد التحالف يقسم بينهما وان حلف احدهما وامتنع الآخر اعطي للحالف وهذا قول الامامية اما الحنفية فقالوا ها قول الزوج في كل ما يصلح لهما.

يتضح لنا من ذلك بان الفقه الاسلامي يعوّل في مسألة تجهيز الاثاث الزوجية على الزوج باعتباره هو المنفق على زوجته، اما موقف القانون العراقي من التجهيز فيتضح لنا من النصوص الواردة فيه كالمادة (23) من قانون الاحوال الشخصية والمادة (58) من نفس القانون متاثراً بذلك باحكام الشريعة الاسلامية بثبوت نفقة الزوجة على زوجها وكذلك بينت المادة (24) ق2 من قانون الاحوال الشخصية ما تشتمل عليه النفقة بقولها (تشمل النفقة الطعام والكسوة والسكن ولوازمها واجرة التطبيب بالقدر المعروف وخدمة الزوجة التي يكون لامثالها معين)

وفي الحقيقة ما نجده في الواقع العملي ان هذه القضية لا تثور الا عندما تعصف بالحياة الزوجية رياح المشاكل وتتأزم الامور بين الزوجين فيطالب كل ذي حق بحقه ولو ان الانسان رجع الى ضميره واعطى حقوق الآخرين التي فرضها الله تعالى عليه واوجبها دينه الحنيف لم ترَ طوابير المتداعين في المحاكم ولا اهدار الحقوق في استعمال الحيل والغش والكذب للحصول على اموال قليلة او كثيرة لا تبقى للانسان الا اياماً معدودة ولا تفيد يوم لاينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم.


ارسل لصديق