A PHP Error was encountered

Severity: Warning

Message: Creating default object from empty value

Filename: libraries/lib_posts.php

Line Number: 40

مجلة الهدى - من الفكر الحسيني .. (3)

من الفكر الحسيني .. (3)
نداء النصرة لفضح أدعياء الإسلام
كتبه: رضا الخفاجي
حرر في: 2013/05/09
القراءات: 2305

عندما هتف الإمام الحسين عليه السلام، يوم العاشر من المحرم سنة 61هـ: «هل من ناصر ينصرنا..؟ ردّت الأجيال: «لبيك حسين».

السؤال هنا: الى ماذا كان يرمي الإمام عليه السلام، من هذا الهتاف المدوّي، وهو الذي دعا أصحابه في عشية يوم عاشوراء، وقال لهم: «هذا الليل قد غشيكم، فاتخذوه جملاً..»؟!

كان عليه السلام، يعرف تماماً أن الجيش الأموي، وبأمر من الطاغية يزيد بن معاوية، كان يريد قتله، بأي ثمن.. حتى ان شمر بن ذي الجوشن، أراد ان يُغري أبا الفضل العباس عليه السلام، بالمال والوجاهة والحظوة عند يزيد، و أراد ان يبعده عن مناصرة الحسين، من خلال إثارة النعرة العشائرية الجاهلية، عندما خاطبه وناشده باسم الرابطة التي تربطه، لكون الشمر من بني كلاب وهم أخوال العباس عليه السلام، لكن قمر بني هاشم كان يدرك جوهر الخداع والمخاتلة عند الشمر وأمثاله، لذلك رد عليه بشكل حاسم وقاطع، وخاض عباب الموت في ساحة المعركة وقاتل قتال الابطال، واقتحم الفرات أكثر من مرة وجلب الماء لعطاشى آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله، وعندما قُطعت يده اليمنى.. ارتجز بفخر وكبرياء قائلاً:

والله إن قطعتمو يميني

إني أحامي أبداً عن ديني

وعن إمام صادق اليقين 

سبط النبي الطاهر الأمين

 

* البراغماتية الأموية

وهذا هو أبلغ رد على معسكر شمر بن ذي الجوشن، وما يمثله من اساليب المخادعة والغدر والكذب والتحريف.. وهذا هو الفرق بين العقيدتين؛ بين عقيدة الامام الحسين و أخيه العباس، التي تستمر شرعيتها ودعوتها من الرسالة المحمدية السمحاء، وبين العقيدة الأموية – البراغماتية، التي تؤمن بان «الغاية تبرر الوسيلة»، والتي لا تؤمن بأية قيم ثابتة، وبما ان فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف يؤمن الخط الأموي بالإسلام، وهو الذي ظلّ يحاربه الى آخر لحظة، وبجميع الوسائل والامكانات حتى لحظة دخول الرسول الأكرم وجموع المسلمين مدينة مكة، وتم القضاء على جميع بؤر الكفر..».

لذا ظلّ الخط الأموي ومن يمثله ينتهز الفرصة المناسبة ليسيطر على الحكم، لكن بعد أن يشقّ طريقاً منحرفاً في الدولة الاسلامية، غير الذي رسمه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، فيكون الاسلام شكلاً دون محتوى، وبعيداً عن قيمه ومبادئه، فكان له ما أراد الى حدٍ كبير. وقد استعان معاوية بالدولة البيزنطينية، لتشييد مملكته الخاصة في الشام، و التي نسفت جميع المبادئ الاسلامية وبخاصة عندما تزوج معاوية من «هند» وهي مسيحية المعتقد، أنجبت له يزيد الفاسق، لذلك أقر على تحريف جميع مبادئ الاسلام، وفي مقدمتها، مبدأ الشورى، حيث جعل معاوية الحكم، ملكية.

أما دهاء معاوية المزعوم، فلم يظهر إلا لتكريس الشرك والعداء للدين الاسلامي، وعلى خطاه ابنه يزيد، الذي تمثل بقول «ابن الزبعري» عندما أحضروا أمامه رأس الامام الحسين عليه السلام، فقال من جملة ما قال:

لعبت هاشم بالملك فلا   خبر جاء ولا وحيٌ نزل

وبهذا كشف عن حقيقة توجهه وشعوره اتجاه الاسلام والرسالة، والبيت النبوي الطاهر المقدس في لحظة غرور ونشوة فضحت زيف ادعائه وتستره برداء الاسلام.

 

* إحراز النصر العقائدي في كربلاء

إذن .. كان الامام الحسين يريد من وراء تضحيته العظيمة، أن يكشف هذا الزيف لابناء الأمة، و قبل ذلك أراد أن يعرف من هم المسلمون الحقيقيون الذين لا يبالون بالموت ويعانقون الشهادة من أجل الاسلام؟ عندما قال: «هل من ناصر ينصرنا»؟

ان الامام الحسين كان يعرف ان النصر المادي لم يكن ممكن التحقيق في ساحة المعركة، لان الكفة لم تكن متعادلة بين الطرفين من جميع الجوانب المادية في العدة والعدد.. لذا كان الامام الحسين عليه السلام، يهدف الى إثارة الجانب العقائدي في نفوس المسلمين، فمن أجل أن يكون نموذجاً ورمزاً يُقتدى به، ضحى بنفسه مع أهل بيته وأنصاره الأوفياء، لكشف الزيف الأموي وتوعية الأجيال القادمة، فالنداء لم يكن مقتصرا على اليوم العاشر ولم يكن لتقريع وشجب الجيش الأموي الذي كان يصطف أمامه بما يزيد على الثلاثين الفاً.

كانت صرخة الامام الحسين عليه السلام، «هل من ناصر ينصرنا»، رسالة واضحة الى المجتمع الاسلامي والانسانية، تحثهم على الثبات على المواقف الايمانية المبدئية، لكونها الحصن الحصين والطريقة الوحيدة لمقارعة الاعداء ورد كيدهم الى نحورهم، لأن طريق التخاذل والاستسلام، لا يؤدي إلا الى تعرض الأمة الى مزيد من إراقة الدماء وهدر الثروات والخيرات، ونشر الفساد بجميع اشكاله واساليبه و إشاعة الفقر والجهل والظلم.. وهذا ما تسعى اليه الانظمة الديكتاتورية الغاشمة.

 

* الانتفاضات الجماهيرية مثالاً

إن الامثلة كثيرة امامنا في عالم اليوم وبالذات في وطننا العزيز.. كما شواهد الأمس القريب خير دليل على ما نقول.

لقد كانت الكفة غير متعادلة بين الشعوب العربية والاسلامية وبين حكامها الطغاة الذين ارتضوا ان يكونوا عملاء لقوى الاستكبار العالمي، مقابل حمايتهم من غضب وجهاد شعوبهم، فقد شهد العراق، ثورات عديدة في القرن العشرين قدم فيها الشعب العراقي خيرة ابنائه من اجل التخلص من الظلم والطغيان، وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية التي تضمن كرامة الانسان وتحقيق الحريات المشروعة وفي مقدمتها حرية المعتقد، الاّ ان الانظمة الديكتاتورية العميلة قمعت كل تلك الثورات والانتفاضات بأبشع الوسائل واكثرها دموية ووحشية، وستظل المقابر الجماعية، صورة حيّة في الضمائر والنفوس، وشاهداً على دموية نظام حزب البعث البائد..

وما يجري الآن في البحرين، هو نفسه الذي جرى على الشعب العراقي، لان دول الخليج المرتبطة ارتباطاً مباشراً بالامبريالية الامريكية والصهيونية العالمية، تخشى هذه الانتفاضة المباركة، ولان تركيبة الشعب البحريني تشبه تركيبة الشعب العراقي، فالغالبية العظمى منه تدين بمذهب آل البيت الاطهار عليهم السلام، الذي يعاديه بشدة الوهابيون في السعودية وبعض البلاد الخليجية.

معطيات الاوضاع الراهنة في سوريا والبحرين، تدل على أن السعودية وقطر، ارتضيا لأنفسهما أن يكونا أداة ووسيلة طيعة لتنفيذ المخطط الصهيوني لضرب الاسلام في بلادنا، من خلال إثارة النعرات الطائفية – الجاهلية التي طمرها الإسلام في بدايات بزوغه، وبيد الرسول الأكرم ووصيه علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما، وها نحن نشهد اليوم إعادة الحياة الى تلك النزعة الجاهلية الظلامية، التي تغلّب لغة العنف والدموية والتسلّط، فهم يسلكون هذا المسلك تقرباً للقوى الكبرى أولاً؛ ثم توفير الحصانة الكافية لكراسيهم من السقوط والانهيار ثانياً.

ان النموذج الحسيني، في التصدي والتحدي والمقاومة والمطاولة والعطاء، نموذج يحتذى به، وان كثيراً من شعوب العالم اقتدت به وما زالت تقتدي به، ومن أبرز التجارب الثورية التي استلهمت من مدرسة سيد الشهداء عليه السلام، الانتفاضة المستمرة لشعب البحرين.

لذلك فان الامبريالية والصهيونية، كانت وما زالت تخشى من هذا النموذج الحيوي البالغ التأثير، ومن هذا المنطلق ايضاً، ساعدت قوى الاستكبار العالمي نظام صدام على قمع الانتفاضة الجماهيرية الشعبانية عام 1991م بعد ان خرجت خمس عشرة محافظة في البلاد من قبضة الطاغية البائد، وقضت على اوكار المرتزقة والظلمة، ولكن.. «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين».


ارسل لصديق