Severity: Warning
Message: Creating default object from empty value
Filename: libraries/lib_posts.php
Line Number: 40
رغم التطمينات السياسية والاعلامية بعدم تأخر الساسة هذه المرة في تشكيل الحكومة العراقية، وعدم تكرار تجربة عام 2010، إلا ان بعض المؤشرات تؤكد صعوبة تحقيق هذا الهدف المأمول في فترة قصيرة، وربما ترافق حرارة الصيف وقيض الحر اللاهب، سخونة الاجواء السياسية، مع فارق المحيط الذي يعيشه السياسيون، ومحيط السكن والعمل والدراسة الذي يعيشه معظم ابناء الشعب العراقي. فمنذ الحملة الانتخابية وقبل اجراء الانتخابات، أعلن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء، نوري المالكي، رؤيته السياسية وأن «الاغلبية السياسية»، خياره الوحيد لتشكيل الحكومة مع ولاية ثالثة، رغم معارضة التحالف الوطني الذي ينضوي في ظله الى جانب التيار الصدري والمجلس الاسلامي الاعلى لفكرة الولاية الثالثة، والتطلّع الى «شراكة قوية» تطبع هوية الحكومة القادمة.
حجة «ائتلاف القانون»، وشخـــــــــــص المالكي في أرجحية «الاغلبية السياسية» أنهم يريدون عدم تكرار تجارب السنوات الثمان الماضية التي مضت - حسب تفسيرهم واعتقادهم - في ظل تجاذب سياسي - حزبي بين شخص رئيس الوزراء والحكومة من جهة وبين البرلمان من جهة اخرى، وعدم وجود الاجماع الى جانب الحكومة ورئيسها، كان وراء توقف العديد من المشاريع الاستراتيجية وسنّ القوانين المصيرية، مثل قانون الاحزاب وقانون النفط والغاز، وإجراء التعداد السكاني ومشاريع اخرى عديدة اخرى، بل حتى عملية إقرار الموازنة العامة للبلد، باتت ضحية هذا الجدل السياسي بين القوى المتنافسة على السلطة. وقد مضى نصف العام وما يزال مجلس النواب (المنتخب) عاجزاً عن إقرار موازنة عام 2014!
وطالما ألقى المالكي بالمسؤولية في كل ذلك على نواب البرلمان والاحزاب وحتى الوزراء احياناً في فشل المشاريع وعدم إقرار القوانين..وفي آخر مؤتمر صحفي له اتهم رئيس الوزراء الحالي، الاحزاب السياسية بانها كانت وراء تعطيل الإقرار على الموازنة، ووصف ذلك بـ «الفضيحة السياسية»، ثم وعد بانه في حال تحقيق ولايته الثالثة على قاعدة «الاغلبية السياسية» في البرلمان، فانه سيهدي الشعب العراقي حزمة قوانين استراتيجية طالما ظلت معطلة منذ الدورتين الماضيتين، وهي قوانين النفط والغاز، وقانون الاحزاب وتحديد حدود المحافظات وحسم الجدل حول المادة (140) الخاصة بالمناطق المتنازع عليها مع اقليم كردستان، والى جانبها التعداد السكاني الذي يشهده العراق منذ الاطاحة بنظام صدام. وفي هذا الطريق يحاول ائتلاف المالكي البحث عن الشركاء بين نواب الدورة البرلمانية الجديدة لمن ينضم الى «الاغلبية السياسية» التي من المؤمل ان تصوّت للمالكي لولاية ثالثة رئيساً للوزراء. علماً ان هذا الائتلاف حصل على الرقم الاعلى بين سائر الكيانات السياسية في الانتخابات، بواقع (95) مقعداً، يليه التيار الصدري بـ (34) مقعداً، وكتلة المواطن (30) مقعداً، وكتلة متحدون (23)، وكتلة الوطنية (21)، فيما حصل كل من الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقارطي على (19) مقعداً. هذا الى جانب كتل وكيانات صغيرة هي الاخرى حصلت على ارقام تعد بالاصابع من مقاعد البرلمان، وهو ما يبحث عنه المالكي للحصول على رقم (173) مقعداً تمكنه من الحصول على موافقة البرلمان وحسم الجدل كاملة. وحسب مراقبون، فان تحركات «دولة القانون» دالة على خطة تشكيل الحكومة يشترك فيها خليط من الانتماءات السياسية والطائفية، تماشياً مع المرحلة القادمة، حيث من المنتظر ان تسهم الجهود السياسية بحل أزمة الانبار والفلوجة، بل عموم المناطق الساخنة، عندما يشترك نواب سنّة في «الاغلبية السياسية»، وهذا ما حصل، حيث ذكرت مصادر ان عدد النواب السنّة في الائتلاف بلغ (48) نائباً، مع انضمام كتل سياسية مثل «الكفاءات والجماهير» وكتلة «التضامن» وكتلة «الوفاء للعراق» و «تحالفا نينوى وصلاح الدين»، بل ان جزءاً مهماً من المكون الكردي اعلن انضمامه الى المالكي، وهو الاتحاد الوطني الذي يتزعمه جلال الطالباني.
إن ما تحذر منه الاطراف الاخرى في التحالف الوطني والكيانات السياسية الاخرى من مغبة تكرار أخطاء التفرّد بالرأي وعدم المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية، يتطلب بديلاً قوياً لـ «حكومة الأقوياء»، وهذا ما لم يتمخض خلال الفترة الماضية، مما يعزز حظوظ «دولة القانون» بتشكيل الحكومة القوية التي ربما لن تختلف عن سابقتها.