Severity: Warning
Message: Creating default object from empty value
Filename: libraries/lib_posts.php
Line Number: 40
تشرفت محافظة بابل باحتضانها مراقد ومقامات الانبياء والاولياء الصالحين الذين جعلوا رحمة للناس ومناراً للاحرار والثوار واستلهام الصبر في هذا الزمن الذي بلغ الصراع أشده بين الحق والباطل.
ومن هذه المراقد المقدسة، مرقد السيد الجليل بكر ابن الامام علي بن ابي طالب، عليهم السلام.
يقع المرقد الطاهر في منتصف الطريق الرابط بين مركز مدينة الحلة وبين قضاء الكِفل، في الطريق الرابط بين الحلة والكوفة من جهه اليمين، بالقرب من جامعة بابل في منطقة تسمى «التاجية» في طريق تتخلله المزارع والبساتين الغنّاء المشحونة بالنخيل والاشجار.
* نسبه الشريف
هو محمد الأصغر ابن الإمام علي ابن أبي طالب عليهم السلام. أمه، ليلى بنت مسعود بنت خالد النهشلي، قاتل إلى جنب أخيه الحسين، عليه السلام، قتال الأبطال حتى استشهد في واقعة الطف على يد زجر ابن بدر النخعي، ويقال عقبة الغنوي، وهامت به الفرس بعد ذلك إلى البقعة المطهرة التي يقع قبره الشريف فيها الآن.
وهنالك رواية ثانية لاستشهاده عليه السلام هو ان هذه المنطقة هي ديار أخواله «بني نهشل»، وقد اخذوه بعد استشهاده في كربلاء فدفنوه عندهم ولعل ما يؤكد دفنه الحالي، هو العثور على صخرة أثرية قديمة بعد هدم بنائه عام 1323هـ- 1902م ولا تزال موجودة اليوم، وهو ما اشار اليه الشيخ محمد حرز الدين في كتابه «مراقد المعارف».
* المرقد في الوقت الحاضر
مجلة الهدى تشرفت بزيارة المرقد الشريف، فصادف أن وجدت الحركة العمرانية الواسعة في المرقد الشريف، حيث تم استبدال المبنى القديم للمرقد، بتصميم جديد بمواصفات جيدة، مع سعة كبيرة، يكون مؤهلاً لاستقبال اعداد كبيرة من الزائرين الوافدين من كل مكان.
وهذا ما جعل الحديث عن إعادة بناء المرقد وتوسعته، مدخلاً للحديث مع السيد علي الموسوي، مسؤول الاعلام والعلاقات في الامانة الخاصة لمرقد بكر بن علي، الذي حدثنا بالقول: «قامت الامانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة بالتعاقد مع شركة «البشير» للمقاولات من اجل اعادة بناء وتوسعة مرقد بكر بن علي بكلفة ستة مليارات دينار، وخلال مدة إنجاز لا تتجاوز العام والنصف».
وعن خلفية المشروع أوضح السيد الموسوي بأن «مشروع إعادة إعمار المرقد بدأ عام 2007 وقد تلكأت الشركة المنفذة للمشروع، ومن ثم تم سحب العمل منها في عام 2011 و إحالته لشركة البشير للمقاولات».
و اضاف الموسوي: «ان مشروع التوسعة يتضمن إزالة البناء القديم للمرقد و إعادة إعماره بعمارة اسلامية حديثة، وبناء مدرسة دينية مجاورة وصحّيات وقاعات مزودة بنظام التبريد والتدفئة المركزية للزائرين، وقد قامت وزارة الصحة ببناء مركز صحي بالقرب من المرقد لخدمة اهالي المنطقة والزائرين على حد سواء.
وشاركنا اطراف الحديث السيد جواد حسن، احد العاملين في المرقد بالقول: «كانت مساحة المرقد سابقاً (2500) متر، أما الآن، فان المساحة الجديدة تبلغ (26) دونما، (9000) متر منها للضريح والطارمة الخارجية والاواوين، أما الباقي فيشمل الخدمات الاخرى من صحّيات وقاعات للزائرين وأبنية إدارية و مدرسة دينية». واضاف السيد جواد حسن: «ان مرقد بكر بن علي، شهد إقبالاً متزايداً من قبل الزائرين العراقيين والقادمين من البلاد الاسلامية، وخاصة في السنوات العشر التي تلت سقوط الطاغية، وأصبحت تقام فيها صلاة الجمعة، بامامة الشيخ محمود الخفاجي، وكيل المرجعية الدينية، في بابل مما دفع القائمين في الامانة العامة للمزارات لتوسعة المرقد وتم استملاك الاراضي المحيطة بالمرقد وبتكلفة بلغت ملياراً و (300) مليون دينار، والعمل متواصل لاستملاك أراضٍ مجاورة اخرى للمرقد وتحويل ملكيتها من زراعي الى استعمال ديني..».
و يشتمل البناء الجديد للمرقد على مكتبة عامة حديثة، تضم عناوين تنسجم مع التطور الحاصل في العلم بالإضافة إلى الاهتمام بالجانب الإعلامي.
* الدور الانساني
كما بقية الاماكن المقدسة في العراق، لم يكن مرقد السيد بكر، بعيداً عن الوضع الانساني المأساوي لشيعة أبيه أمير المؤمنين، عليهما السلام، فقد تحول الى مأوى لعدد كبير من النازحين من ارهاب التكفيريين لاسيما من قضاء تلعفر.
وقد أوضح لنا المعاون الاداري للامانة الخاصة للمرقد، الاستاذ جواد حسن، ان المرقد استقبل ما يقارب (2500) نازح من أصل اكثر من (5000) نازح استقبلتهم محافظة بابل، والذين نزحوا من محافظة نينوى وخاصة من قضاء تلعفر نتيجة بطش داعش في تلك المناطق».
و اضاف: «ان الامانة العامة لمرقد بكر ابن علي قامت بتوفير كافة الاحتياجات من وجبات طعام وألبسة ومستلزمات اخرى تحتاجها الاسر النازحة، وقد تم نقل هؤلاء النازحين الى مساكن وفرتها لهم الحكومة المحلية في بابل».
و انت خارجٌ من المرقد، يظهر امامك «كرفان» خُطت على بابه لافتة كبيرة؛ «مركز دعم المتطوعين»، وهي مبادرة جميلة ذات بعد اجتماعي تحثّ الناس على تقديم التبرعات العينية والمالية للمتطوعين الذين لبّوا نداء المرجعية الدينية لخوض القتال ضد الجماعات التكفيرية المعادية لنهج ومسيرة أهل البيت، عليهم السلام.
المرقد مع اكتمال أعمال الاعمار والتوسعة قريباً، يعد نموذجاً مشرّفاً من ناحية التطور العمراني والتنظيم والترتيب الذي يتناسب وحجم هذه الشخصية، التي تحمل سمات الولاية العلوية والثورة الحسينية.
انها دعوة عامة لزيارة هذا المَعلم الشامخ وسط رياض البساتين البابلية.