ليس من السهل الحديث عن نهاية لآمال الجماعات السورية المعارضة في الخارج، بالاطاحة بنظام حكم الرئيس بشار الاسد خلال مسيرة الاحتجاجات والحراك الجماهيري الذي انطلق بدايةً بشكل سلمي من مدينة «درعا» جنوب سوريا، وايضاً من خلال حرب العصابات التي خاضتها جماعات مسلحة عديدة على الارض السورية، لان الذي دفع ثمن هذا الطموح والارادة السياسية، هو الشعب السوري، حيث تجاوز عدد القتلى الـ (200) ألف قتيل، بينهم اكثر من (10) آلاف طفل، وملايين المشردين في الداخل والخارج ودمار هائل في المساكن والمتاجر والمنشآت الحيوية والبنية التحتية للبلد.
ربما تكون التظاهرات الجماهيرية التي خرجت بداية في بعض المدن السورية، تحمل صفة «المطلبية»، وهو حق كل الشعوب في قول كلمتها ورأيها في الحياة وما تريد ان تكون عليه هي، بيد أن ثمة سيناريوهات كانت معدّة سلفاً لسوريا، ارضاً وشعباً، اكبر بكثير من طموحات شعب في الحرية والديمقراطية والمشاركة السياسية والتقدم، اذ حصل الشيء نفسه في بلاد عربية اخرى، تم فيها تغيير الوجوه وحسب، وبقي كل بلد يعيش واقعه المأساوي الذي يشهد التغيير بتاتاً.
لذا يمكن القول؛ ان المسؤولية ثقيلة جداً على «المعارضة السورية» في الخارج. تلك التي عقدت المؤتمرات وشكلت الكيانات السياسية وقبضت المليارات من السعودية والدعم اللوجستي من تركيا، والاعلامي من قطر (الجزيرة)، اضافة الى جهات اقليمية ودولية عديدة في العالم، وفرت الدعم المادي والعنوي والسياسي لدفعها نحو خوض الحرب وتعبئة الاجواء في سوريا لحرب بلا هوادة ولا تفاوض فيها مع الحكومة. حتى وصل الحال لأن يعلن احد اعضاء «الائتلاف السوري المعارض»، بسام الملك، إقرار هذه المعارضة بشرعية الرئيس السوري بشار الاسد «والموافقة على بقائه في الحكم لمدة عامين...».
وفي تصريحات لوكالة الأناضول التركية، أضاف الملك، أن «النقطتين المطروحتين للحوار في مؤتمر القاهرة هما بقاء الرئيس السوري بشار الأسد لمدة عامين، مع وجود هيئة حكم انتقالية تدير شؤون الدولة، على أن تتم الدعوة بعد هذين العامين إلى انتخابات رئاسية مبكرة».
أما النقطة الثانية، بحسب الملك، فهي «الاتفاق على أن تحكم سوريا خلال هذه الفترة بإعلان دستوري انتقالي أو العودة لدستور 1950».
وقال الملك إن مؤتمر الحوار الثاني الذي تستضيفه موسكو شهر نيسان المقبل، سيعقد في الغالب بعد المؤتمر الثاني للمعارضة السورية الذي تستضيفه القاهرة الشهر ذاته.
ولفت بسام الملك إلى أن «مؤتمر الحوار الأول في موسكو والذي عقد في شهر كانون الثاني الماضي، جاء في أعقاب مؤتمر المعارضة الأول بالقاهرة، وهي نفس الحالة التي ستتكرر في شهر نيسان المقبل»، حسب قوله.
وردا على سؤال للأناضول حول دلالات التزامن بين المؤتمرين، أوضح الملك أنه يشير إلى «وجود تنسيق مصري روسي للخروج بحل سياسي للأزمة السورية».
ولم يعلن ما يسمى بـ»الائتلاف السوري» رسميا حتى اليوم مشاركته في مؤتمر القاهرة، غير أنه في حال مقاطعة المؤتمر، سيشارك عدد من أعضائه بصفة شخصية، كما أكدوا في تصريحات سابقة.
ولا يستبعد مراقبون ومتابعون، أن تكون صفقة الحل السياسي في سوريا، ضمن السيناريو الجديد للمنطقة الذي تدونه اطراف دولية و اقليمية فاعلة، ضمن محورين اساس، الاول: روسيا و ايران تحديداً، والآخر اميركا وفرنسا وبريطانيا ومعها تركيا والسعودية ومصر. لذا يجد المراقبون في مصر الوجه المقبول لجميع اطراف النزاع في سوريا، لتستضيف مؤتمراً يضم الجميع، ويتمخض عنه حل سياسي شامل ضع حداً نهائياً لمأساة الشعب السوري.