A PHP Error was encountered

Severity: Warning

Message: Creating default object from empty value

Filename: libraries/lib_posts.php

Line Number: 40

مجلة الهدى - أخلاق نبي الرحمة تكشف زيف الأدعياء

أخلاق نبي الرحمة تكشف زيف الأدعياء
كتبه: الشيخ علي الخزاعي
حرر في: 2017/01/04
القراءات: 1442

الإنسان بفطرته دائم البحث عمن يحترم إنسانيته؛ وقد مرّ بتجارب طويلة وعديدة عبر التاريخ، فلم يتحقق المُراد إلا في دينِ الإسلامِ عندما طبّقه رسول الله محمد، صلّى الله عليه وآله، بقوانين مستمدة من الوحي الإلهي، وأثبت للمسلم وغير المسلم، ولمن يحب الأمان والسلام؛ أن هذا الدين يستحق الإيمان به والالتزام بأحكامه.

هذه الميزة العظيمة التي ميزت الإسلام عن سائر الديانات والمدارس الفكرية الأخرى، دفعت دوائر متربصة بالإسلام إلى التفكير جدّياً بضرب الإسلام؛ في مفاهيمه وأحكامه ومبادئه، ولعل في مقدمة هذه الدوائر؛ الماسونية والصهيونية العالمية، ومن ابرز أدوات حربهم؛ إشاعة المفاهيم الخاطئة عن الإسلام، من خلال تلبيس بعض الألفاظ لقلب الحقائق وإظهار الإسلام على أنه داعية إلى العنف والرعب والدموية.

وقد عملت هذه الدوائر على إقحام ألفاظ متعددة في معنى واحد، فباتت عندهم كلمة (الإرهابي) مرادفة لـ (الإسلامي)، وتعطي معنى واحداً وهو: القتل البشع والقمع لطقوس أديان أخرى! والغاية منهُ منع انتشار مفاهيم السلام والمحبة والتسامح التي يبشر بها الإسلام، إضافة إلى تفريق وحدة المسلمين.

من هنا أرى من الواجب التفريق بين الكلمتين، وردهما إلى أصلهما؛ فكلمة (الإرهابي)، التي تعني إشاعة الرعب والتكفير واستسهال القتل على الهوية، لا يمثل الإسلام بشيءٍ، أما كلمة (الإسلامي): فهو يمثل دين التسامح، والتآخي، والمودة.

هذه الصورة الحقيقية لابد أن تصل إلى العالم لتكون هوية يعتز بها المجاهدون الأبطال وغيرهم، الذين يضحون بدمائهمِ، ويهجرون أطفالهم وزوجاتهم وأهلهم ويتخلون عن راحتهم لنصرة الإسلام المحمدي، والحفاظ على العرض والأرض في مواجهة أدعياء الدين، وبالنتيجة؛ إيصال الصورة الحقيقية ورفع الصورة البشعة من الأذهان.

 

 السلام في مدرسة النبي الأكرم

هناك من الأسباب التي جعلت الناس تعانق دين الإسلام، ليتبين كيف اشتدَّ عوده، وقويت شوكته:

السبب الأول: في عهد رسول الله محمد، صلى الله عليه وآله، لم يبدأ أعداؤه بشرارة الحرب قط؛ بل كان اليهود والمشركون هم من يشعل فتيل الحرب.

يقول الشيخ عباس القمي، طاب ثراه: «مما تحسن معرفته، أنه؛ إذا كان رسول الله، صلّى الله عليه وآله، على رأس جيشه في حرب، سُمّيت غزوة، أما إن لم يكن، سمّيت بعثة أو سَرِيّة، وهي طائفة من الجيش ترسل للعدو، أقلّها تسعة وأكثرها أربعمئة، ويقول البعض: إن السريّة التي تعدادها خمسمئة فما فوق يقال لها منس، وإذا كان العدد فوق ثمانمائة سُمّي جيشاً، وإذا كان فوق أربعة آلاف سُمّي جَحْفَلاً...»، أما عدد غزوات رسول الله، صلّى الله عليه وآله، ففيه اختلاف بين تسع عشرة، وسبع وعشرين كما يقال، لكن القتال وقع في تسع غزوات فقط.

السبب الثاني: إن خطط الحرب التي كان يضعها، صلّى الله عليه وآله، مشحونة بالأخلاق السامية؛ ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ، (سورة القلم: 4)، يروى أنه، صلى الله عليه وآله، بعث سرية؛ فلما رجعوا قال: «مَرْحَباً بِقَوْمٍ قَضوُا الّجِهَادَ الأصْغَرَ، وَبَقِيَ الجِهَادُ الأَكْبَرُ»، قيل: يا رسول الله، وما الجهاد الأكبر؟ قال: «جِهَادُ النَفسِ»، دلالة على أهمية الأخلاق السامية عنده، صلى الله عليه وآله، وتحفيز المسلمين على التكامل الإنساني. وفي غزوة الخندق: بعد أن وضعت الحرب أوزارها بعث المشركون إلى رسول الله، صلى الله عليه وآله، يشترون جثتي عمرو ونوفل، فقال رسول الله، صلى الله عليه وآله: «هُوَ لَكُمْ لَا نَاْكُلُ ثَمَنَ الْمَوْتَى»، ولما وقفت أخت عمرو على جسدِ أخيها، رأت أن درعه الذي لم يكن له مثيل عند العرب، وسائر أسلحته وثيابه باقية لم تنزع، قالت ما قتله إلا كفؤ كريم، ولكن من هو قاتله؟ فقالوا: علي بن أبي طالب، عليه السلام، فأنشدت:

لو كان قاتل عمرو غير قاتله

لكنت أبكي عليه آخر الأبد

لكن قاتله من لا يُعاب به

من كان يُدعى أبوه بيضة البلد

وعندما أمر رسول الله، صلّى الله عليه وآله، بقتلِ أبي غرّة، ذلك أنه كان قد وقع أسيراً في بدر، فعاهد على أن لا يعود لحرب المسلمين، فأطلقه، وراح يرجو رسول الله، صلّى الله عليه وآله، أن يطلقه هذه المرّة أيضاً، فقال: «لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْن» وأمر به فقتل.

أما الوجه الآخر والمناقض لأخلاق النبي ونهجه السمح، فقد تجسّد بما فعله خالد بن الوليد بـ «الغميصاء»، حيث قتل الرجال، واعتدى على الأطفال، انتقاماً لعمِّهِ الفاكهة (الفاكه) بن المغيرة، وهو ما أثار استنكار النبي الأكرم، حتى رفع، صلى الله عليه وآله، يديه إلى السماءِ، وقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ»، ثم بَعَثَ علياً، عليه السلام، لإعادة المودة اليهم.

وفي فتح مكة المعظمة، كانت راية رسول الله، صلى الله عليه واله، مع سعد بن عبادة، وهو أمام الكتيبة، فلما حاذاهما سعد نادى:

«يا أبا سفيان!‏

اليوم يوم الملحمة

اليوم تسبى الحرمة

اليوم أذل الله قريشا»

فلما حاذاهما رسول الله، صلى الله عليه وآله، ناداه أبو سفيان: يا رسول الله أمرت بقتل قومك أن سعداً قال‏: 

اليوم يوم الملحمة

اليوم تسبى الحرمة

اليوم أذل الله قريشا

وإني أنشدك الله في قومك فأنت أبر الناس وأرحم الناس وأوصل الناس. فوقف، صلى الله عليه وآله، وناداه: «يا أبا سفيان بل ..

اليوم‏ يوم‏ المرحمة

اليوم تصان الحرمة

اليوم أعز الله قريشا» 

وأرسل إلى سعد فعزله عن اللواء، واختلف فيمن دفع إليه اللواء، فقيل دفعه إلى علي بن أبي طالب، عليه السلام، فذهب به حتى دخل مكة فغرزه عند الركن؛ وقيل دفعه إلى قيس بن سعد بن عبادة.

وبعد التهليل والتحميد، قال مخاطباً أهل مكّة: «مَاذَا تَقَولَونَ، وَمَاذَا تَظَنَّونَ»؟ قالوا: نقول خيراً،  ونظنّ خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، وقد قدرت، فأخذته الرقّة، وفاضت عيناه، ولّما رأي أهل مكّة هذا ارتفع بكاؤهم، فقال، صلّى الله عليه وآله: «فَإِنَّي أقَولُ كَمَا قَالَ أخِي يُوسُفُ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ»، ثم قال: «ألَا لَبِئْسَ جِيرَانُ النّبِي كُنْتُمْ، لَقَدْ كَذّبْتُمْ،  وَطَرَدْتُمْ،  وَأخْرَجْتُمْ، وَفَلَلْتُمْ، ثَمَّ مَا رَضِيتُمْ حَتَّى جِئْتُمُونِي فِي بلَادِي فَقَاتَلْتُمُونِي»، ثم عفا عنهم وقال: «فَاذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطَّلَقَاءُ»!

هذه الأخلاق العالية هي التي دفعت بأفواج الناس للدخول في دين الله، لاسيما من الأعراب في مكة، فتجسدت الآية الكريمة: ﴿وَمَـا أَرْسَـلْنَـاكَ إِلَّا رَحْمَـةً لِّلْعَـالَـمِـينَ، (سورة الأنبياء: 107)، لما رأوه من الخلق العظيم والتآخي والتعاضد بين المسلمين. وما أحوجنا اليوم إلى تلك الأيام الخالدة التي تضع كل شيء في موضعه، ويبين فيه المسلم الحقيقي من غيره (المزيف)، الذي يتقمّص الإسلام ويمارس الإرهاب والقتل،!! والآية الكريمة تبين ملامح وصفات المسلم الحقيقي: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}، (سورة الفتح: 29).


ارسل لصديق