تتواصل التظاهرات الشعبية الغاضبة شرق السعودية، وبالذات في محافظة القطيف ومدنها، منذ الثامن من شهر تموز، تنديداً بالعملية الاجرامية التي قامت بها عناصر (الأمن) السعودي واختطاف القائد الرسالي آية الله الشيخ نمر باقر آل نمر، في مدينة العوامية، ويصرّ الاهالي على مواصلة الاحتجاجات حتى الافراج عن الشيخ الذي عرف بجرأته في المطالبة بالحقوق والحريات ودعواته المتواصلة لآل سعود بانهاء التمييز والعنف، وانتقاد المنهجية الظالمة التي تتبعها الاسرة الحاكمة، ماجعله في موقع الصدارة في قيادة الحراك الشعبي في القطيف عبر (الكلمة)، و وفق قاعدة (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.
التظاهرات الغاضبة التي انطلقت عقب العملية الاجرامية، واتسعت لتشمل اكثر من مدينة، واجهتها قوات آل سعود بالرصاص والقمع، مما ادى الى وقوع عدد من الشهداء واصابة العشرات، الا ان القمع لم يفلح في الحدّ من عزيمة واصرار الاهالي على مواصلة الاحتجاجات، فتحولت مسيرات التشييع المهيب للشهداء الشباب؛ السيد علي اكبر الشاخوري، والسيد محمد الفلفل، و عبد الله الاجامي، الى وقود ودفع للحراك، حيث توافد نحو خمسون ألف مواطن الى كل تشييع لوحده، ومن مختلف مناطق القطيف على العوامية، وسط هتاف (الموت لآل سعود) والمطالبة بالإفراج الفوري عن سماحة الشيخ آل نمر، ومعاقبة منفذي جريمة الاختطاف، واطلاق سراح جميع السجناء المخطوفين على يد قوات أمن آل سعود، مشددين على حقهم في إقامة حكومة شرعية منتخبة ومنبثقة عن الشعب.
و يرى مراقبون أن الاعتداء الآثم على الشيخ النمرب، واعتقاله في بلدته العوامية في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، كان معدّاً له منذ وقت طويل، إذ إنه كان الزعيم الروحي لحركة الاحتجاجات شرق السعودية، وقد وضعته آراؤه الصريحة والجريئة على خلاف علني وواسع مع الأسرة السعودية الحاكمة. لكن، بينما كان سماحته يؤكد على استعداده تقدم صفوف المضحين، رافعا شعار (انا الشهيد التالي)، وتصريحه بأن اعتقاله او شهادته ستكون دافعا للحراك، ومع دعوته مئات الشباب الذين رباهم وتحلقوا حول رؤاه، إلى أن يكونوا على استعداد للموت شهداء، لكن في نفس الوقت كان يحثّهم دائماً على عدم (ردّ الرصاص بالرصاص)، بل على استخدام الوسائل السلمية، مؤكداً على التظاهر السلمي للمطالبة بالحقوق والحريات، وعدم جواز ادخال واستخدام السلاح في الحراك الجماهيري، وهو الامر الذي كان يسعى اليه نظام آل سعود، لجر سماحة الشيخ واتباعه الى مواجهة مكشوفة وربما تكون خاسرة.
بعد ساعات على اصابة واعتقال الشيخ النمر، كان وفداً مخابراتياً رفيع المستوى متمثلاً بالجنرال ديفيد بترايوس، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، في زيارة مفاجئة للسعودية، وقد التقى الملك السعودي عبد الله في جدة، وتشير المصادر الى أنه ونظرا لحساسية الظروف التي تمر بها الساحة الخليجية، والحراك الذي يقوده الشيخ النمر في منطقة تنتج القسم الاكبر من النفط في العالم، ربما كان أمر اعتقاله قد مرّ بضوء أحضر من واشنطن. و يبدو ان حسابات المؤسسات الأمنية السعودية، والأميركية، تراهن الان، على وجود الشيخ النمر خلف القضبان، لتجميد أي حراك جماهيري في الشارع، بعد اعتقال اكبر شخصية دينية وشعبية قادرة على حشد المتظاهرين.
المواجهة بقوة الكلمة
في أهم وأقوى رد فعل على الجريمة، ظهر الشيخ تيسير باقر آل نمر، أمام جموع المصلين في العوامية ليخلف شقيقه المختطف، وفي خطبة الجمعة اللاهبة، أدان بيان وزارة داخلية آل سعود الذي يدّعي إستعمال سماحة آية الله الشيخ النمر للسلاح خلال عملية اختطافه، واصفاً البيان بالسفيه والسخيف والرخيص الذي يحاول النيل من سماحة آية الله الشيخ النمر.
وخلال خطبتي صلاة الجمعة في جامع الامام الحسين عليه السلام بالعوامية ، تحدى سماحة الشيخ النمر السلطات السعودية أن تثبت أنه واجههم بسلاح ، مشيراً إلى مقطع الـ (فيديو) تم تسريبه من قبل الإستخبارات السعودية، والذي يتضح فيه أن الشيخ كان مضرجاً بدماءه ومغماً عليه ، مضيفاً إن كانوا صادقين بما قالوا فلينشروا أي شيء يثبت أنه كان قد واجههم بالسلاح.
وأستعرض سماحته بعض فوارغ الرصاص التي وجدت في مكان الحادث أثناء إختطاف سماحة الشيخ النمر في محاولة إغتيال غادرة. وأضاف سماحته خلال الخطبة: (سنبقى على ذات النهج الذي رسمه لنا سماحة آية الله الشيخ النمر ولن ننثني عنه وإن غيب السجن أو القبر أحدنا فإن هناك من سيحمل الراية من بعده).
وأشار إلى أنه في حال خارت قوى البعض عن مواصلة الحراك وتنازل عن بعض الأهداف الذي كان ينادي بها يوماً ما، فإن هناك من سيتلقف راية المسيرة بكل شوق).
من جهة أخرى أكد سماحته على أننا سائرون في حراكنا على منهج اللاعنف الذي طالما كان سماحة آية الله المجاهد الشيخ نمر النمر يدعو إليه، حيث قال: (أننا بالكلمة أقوى منهم بالسلاح).
وفي خطبة الجمعة بمدينة (صفوى) بمحافظة القطيف، شجب آية الله الشيخ محمد حسن الحبيب، عملية الاختطاف، وقال: ان آية الله الشيخ نمر النمر، عالم، فقيه، مجاهد، يقول الحق ويعمل به، ويرفض الباطل ويقاومه، و وصف الشيخ النمر بانه العالم الأنموذج الذي لم يتوقف على أعتاب الطائفة أو المنطقة، بل كان المدافع عن المظلوم حيث كان، و وصف محاولة اغتيال الشيخ النمر واعتقاله، بمنزلة اعتداء على الحرية والعدالة، وطعنة توجه للمصلحين الذين يبغون الخير للبلاد.
و تزامنا مع حراك القطيف والمنطقة الشرقية، لاتزال مدن وبلدات البحرين الجريحة، تشهد تنظيم مسيرات و وقفات تضامنية مع عوائل الشهداء في القطيف وآية الله آل نمر.
وقد صعدت القوى الثورية في البحرين وفي مقدمها ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير ، من فعالياتها النوعية استنكاراً لما تعرض له سماحته. كما وشهدت عدة مدن وعواصم في العالم، تنظيم احتجاجات واعتصامات منندة بالحادث الاجرامي، بينها اعتصامات أقيمت امام سفارات السعودية في عدة دول غربية.
سطور من نشاطات آية الله الشيخ النمر
آية الله النمر .. بطاقة تعريف
- ولد الشيخ نمر باقر آل النمر، بمنطقة العوامية، وهي إحدى مدن محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية، عام 1379 هـ، وهو ينتمي إلى عائلة رفيعة القدر في المنطقة، برز فيها علماء أفذاذ أبرزهم آية الله العظمى الشيخ محمد بن ناصر آل نمر (قدس سره)، وخطباء حسينيون، منهم جده من أبيه: الحاج علي بن ناصر آل نمر المدفون إلى جانب أخيه آية الله الشيخ محمد بن نمر بمقبرة العوامية.
- بدأ دراسته النظامية في مدينة العوامية، وانهى المرحلة الثانوية؛ ثم هاجر إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية طلباً للعلوم الدينية عام 1399 -1400 هـ، والتحق هناك بحوزة الإمام القائم (عجل الله فرجه) العلمية التي تأسست في نفس السنة على يد آية الله العظمى السيد محمد تقي الحسيني المدرسي (دام ظله)، والتي انتقلت بعد عشر سنوات تقريباً إلى منطقة السيدة زينب عليه السلام بسوريا.
النشاطات و المشاريع
لسماحة الشيخ النمر، العديد من النشاطات والمشاريع ذات الأثر المباشر على الساحة الثقافية والاجتماعية، منها:-
1- إقامة صلاة الجماعة، فكان من أوائل من اقامها ودعا اليها، إذ اعتبرها أحد الفرائض الدينية التي من الضروري التركيز على إقامتها في جميع المساجد وبالذات صلاة الصبح، بعد إن تراجع إقبال الناس عليها، وخلت بعض المساجد منها تماماً، وقد ساهم تحريكه ذلك إلى إقبال شريحة من المجتمع على صلاة الجماعة، وبالذات من فئة الشباب.
2- إقامة إحدى الفرائض الغائبة في المنطقة وهي (صلاة الجمعة) في عام 1424 هـ بمدينة العوامية، والتي انقطعت عن منطقة القطيف لسنوات طويلة تربو على الخمسين عاماً، والتي اقتصر إقامتها على مدينة سيهات وعلى مقلدي آية العظمى الشيخ حسين العصفور (قدس سره) المتمثل بالخط الإخباري، وقد أثمر عودتها الى العوامية، عن إقامتها في مدينتي صفوى وتاروت مباشرة، وبعد سنوات أقيمت كذلك في منطقة القطيف.
3- سعى جاهداً لتفعيل دور المرأة في المنطقة، واستثمار طاقاتها في المجالين الديني والاجتماعي، وعمل على صقل كفاءتها وإبرازها في الوسط النسائي، ابتداءً من المشاركة والحضور في صلاة الجماعة في المسجد، مروراً بالمشاركة في البرامج الدينية المختلفة، وانتهاءً بالمشاركة في قيادة المجتمع، حتى تكلل سعيه بالنجاح، فأصبحت هنالك مجموعة من الأخوات الكفوآت القادرات على إدارة بعض المشاريع القائمة حالياً، كما إن هناك مجموعة منهن يحاضرن ويكتبن، وأصبح واقع المرأة أكثر فاعلية ونشاط وانطلاق.
4- أثرى الساحة الإسلامية بالكثير من المحاضرات الرسالية التي تربو على (1900) محاضرة حسب آخر احصائية.
5- دعا سماحته إلى تخفيض المهور وتقليل التكاليف الباهظة للزواج ، لتزويج العزاب والعازبات، وسعى إلى إقناع البعض فيها باعتماد بدلاً من المهور الغالية، مهر الزهراء عليها السلام الذي يرمي بعوائق الزواج وتكاليفها الباهضة التي تثقل عاتق الشباب ، وتساهم في تسهيل أمور الزواج.
6- أنشأ (حوزة الإمام القائم عجل الله فرجه الرسالية بالعوامية عام 1422 هـ، فكانت بداية انطلاقتها باسم المعهد الإسلامي)، وقد حوت في صفوفها الدراسية الرجال والنساء في قسمين منفصلين، ومن ثم تم استحداث أقسام أخرى هي: قسم النشء (بنين) ثم (بنات)، والقسم القرآني النسائي، بإدارة وتدريس من طلبة الحوزة وخارجها. فكان من بركات هذا الصرح، أن عمم سماحته ثلاثة من خيرة الشباب، وألبسهم زي علماء الدين، وهم يمارسون اليوم أدوارهم الدينية في مجالات شتى، فيعطون من أوقاتهم وجهدهم خدمة للدين والمجتمع.
7- المطالبة ببناء مراقد أئمة البقيع عليهم السلام التي هُدمت منذ الثامن من شوال لعام 1344هـ، وبعد أن غابت هذه القضية عن الساحة الشيعية عقوداً من الزمن.
